س: شيخنا الجميل إزي حضرتك أولا، سؤالي عن قضية منتشرة اليومين دول لعلك سمعت بها، فيه واحد مشهور تزوج على زوجته والموضوع ده عمل جدل كبير حول قضية التعدد، سمعنا ناس بتشكك في الحكم وناس بتتهمه بالخيانة للعشرة وكلام كتير، ممكن أعرف رأي حضرتك فضلا.
ج: بغض النظر عن المتزوج أو المتزوج عليها فههنا قواعد كلية بتقريرها يتضح المقام.
أولا: إباحة الزواج بثانية وثالثة ورابعة شرع الله تعالى، فمن أنكره كفر، ومن قال إنه كان لزمن دون زمن أو إنه من باب التدرج في الأحكام ليكمله الناس بعد زمن النبوة فيمنعوه بمرة فهو زنديق مرتد.
ثانيا: هل التعدد أفضل أو الاقتصار على واحدة؟ تلك مسألة خلافية مشهورة، ومعتمد مذهبنا أن الاقتصار على واحدة أفضل، وعللوه بخوف تبعة الجور المتوعد عليه الوعيد الشديد، ولو قيل إن الأمر يتفاوت بتفاوت الأشخاص والأحوال لكان وجيها.
ثالثا: شرط حل التعدد العدل بين الزوجات في القسم والمبيت، ويرى بعض العلماء كابن تيمية أن دائرة العدل بينهما تشمل ما هو أوسع من ذلك، وأما الحب ونحوه فلا يجب العدل فيه إذ ليس مقدورا للعبد، فمن تزوج بثانية بشرطه فغير ملوم البتة.
رابعا: لا بد من التفريق بين الكراهة الطبعية والكراهة الشرعية، فمن كرهت أن يتزوج زوجها عليها فهذا أمر طبعي جبلي لا تكاد تنفك عنه امرأة ولا أمهات المؤمنين، وأما من كرهت أن يتزوج أي رجل على أي امرأة ولو كانا بعد المشرقين منها وعدت ذلك من قبيل الخيانة وعدم صيانة العيش والملح وهلم جرا من هذا الكلام التافه فعليها أن تراجع إيمانها، لأنها وإن قالت إن الزواج حلال لكنها تتمنى أنه لم يكن حلالا وتقدح في حكمة الله عز وجل من تشريعه وتعترض على نفس حكم الله فقد خرجت بذلك من حيز الكراهة الطبعية إلى الكراهة الشرعية التي ذم الله من تلبس بها بقوله: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما.
خامسا: ليت شعري من يظن التعدد إهدارا لحق المرأة، هل تزوج صاحبنا برجل مثلا؟ وربما كانت المتزوج بها ثانيا أحوج للزواج من تلك الأولى، فلماذا ينظر إلى حق الأولى في أن يكون لها زوج وبيت ولا ينظر إلى تلك الثانية بعين الرحمة والعطف وربما كانت أحوج منها إلى ذلك، وكثير من النساء الحمقاوات ركبن متن الشطط في الاعتراض على زواج أزواجهن بأخريات حتى إذا طلقن رضيت إحداهن بأن تكون زوجة ثانية وزال عنها كل ما كانت تدعيه من مفاسد الزواج الثاني.
سادسا: الله أحكم الحاكمين، وهو أعلم بمصالح عباده فلا يجوز اتهامه في حكمه ولا اعتقاد أن خلاف حكمه كان أصلح للناس، ويجب التسليم لأمره تعالى والعلم بأن ما شرعه هو المصلحة للعباد في دينهم ودنياهم، وليس المقام مقام بيان الحكمة من هذا التشريع الجليل الذي كل من نظر إليه بعين العقل علم أنه من محاسن الدين، ولا هو مقام بيان الجواب على اعتراضات السفهاء ومن لا خلاق لهم فلذلك موضع يليق به، ولا يجوز اتخاذ هذه المسألة الشرعية الشريفة مجالا للهزء والسخرية أو مجالا لإغاظة المرأة وإدخال الغم عليها من قبل الزوج ولا مجالا للإنكار والاعتراض ولا اتهام من فعل هذا المباح بشرطه بشيء من النقص أو النذالة كما يزعمون، بل هو محسن وعلى خير عظيم ما استمر على ذلك.
بصر الله المسلمين بمواقع رشدهم وألهمهم تحكيم شرعه في القليل والكثير.